هل تسأل نفسك ما الذي حل بأمةٍ لم يكن لها مثيل في العدالة و الأخلاق و المساواة و حب الخير و التقدم في العلم و الطب و الهندسة و الرياضيات؟

ما الذي حل بهذه الأمة حيث اصبح يسودها الجهل و الظلم و الظلام بدل العلم و النور و التطور؟

عندما ننظر الى حال المسلمين اليوم من فلسطين الى أفغانستان الى العراق لا نجد الا الخزى و الانكسار.

يقول سبحانه و تعالى:

" إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ" {38} الحج

نرى المسلمين يتسابقون بالجهل و التخلف بين الأمم، نراهم يُحكَمون بالقوة و الجبروت من الأجانب أو حتى من قومهم و اخوانهم.

ماذا جرى؟ هل يخلف الله وعده؟ أم هل لم نعد نصَّنف بالمسلمين عند الله؟

 

" وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ " {6} الروم

نحن نعلم أن النصر ليس بكثرة العدد أو العتاد و أنه من عند الله. فقد انتصر رسولنا الكريم و رفاقه فى بدر و هم كانوا فئة قليلة، بينما كادوا ينهزموا فى حنين و هم الأكثر عدداً.

" وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ " {123} ال عمران

" لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ " {25} التوبه

لماذا إذاً يهزم المسلمون؟

ان المعتقد السائد فى العالم الاسلامى هو أن المسلمين مقصرين في آداء عباداتهم و طقوسهم و أن الله قد تركهم لعدم التزامهم بالصلوات المفروضة أو السنة المطهرة أو بإطالة اللحى للرجال أو الالتزام بالحجاب الشرعي للنساء.

مالا يستطيع مؤيدي هذا المعتقد من الرد عليه هو أن أفغانستان قد انكسرت تماماً امام العداء الأمريكى في 2001 و هي أكثر دولة في العالم التزاماً بالسنة و أكثر دولة يلتزم رجالها باللحى و نساؤها بالحجاب...و لكن الله لم ينصرهم و لم يقف معهم.

و هذه فلسطين تبكى منذ أكثر من خمسين سنة و تشكوا من الاحتلال و الأغتصاب لأرضها و شعبها، و لكن يبدو أن لا أحد اليوم يفهم كيف يستطيع 6 مليون صهيوني من هزيمة 1,000 مليون مسلم مرة تلو الأخرى! 

لنتوجه معاً الى كتاب الله للبحث عن الأجوبة...

لقد قال إبليس مخاطبا الله عز و جل:

" قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ {16} ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ "{17} الأعراف

إن إبليس قد تمكن من البشر يوم أخرج أبوانا من الجنة، و من بعدها تمكن من قوم نوح و قوم إبراهيم و قوم لوط و قوم صالح و قوم هود...الخ.

حتى رسالات الله لم تأمن مكر إبليس، فقد جعل اليهود يحرفون كلام الله من بعد ما عقلوه و يخطون بأيديهم ما ينسبونه إلى الله جل جلاله و بعدها قوم عيسى، جعلهم يقدسونه إلي أن أصبح عيسى هو الله في عقولهم.

ونحن المسلمون؟ هل سلمنا بأعجوبة من مكر إبليس الذي ما من قوم إلا أصابهم أم هل نحن ممن ضحك عليهم و خدعهم الشيطان و هم يعتقدون أنهم على صواب؟

" قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا {103} الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا "{104} الكهف

" فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ " {30} الأعراف

ما هو مصدر الأسلام؟

" وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ {48} وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ {49} أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ "{50} المائدة

في هذه الايآت دليلٌ واضح بأن القرآن كان مصدر التشريع الذي حكم به رسولنا الكريم بين الناس و الذي حسم به جميع الخلافات. فهل نحن اليوم نحكم بالقرآن؟ أم هل سلمنا عقولنا و عقيدتنا الى الكم الهائل من العلماء و الشيوخ و الأسياد و غيرهم ممن يتحدث نيابة عن الله و يلقوننا أحكاماً باسمه؟

الرسول أُمر أن لا يخرج عن القرآن، الخروج كان معناه العقاب من الله:

" إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ {40} وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ {41} وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ {42} تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ {43} وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ {44} لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ {45} ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ {46} فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ " {47} الحاقة

" وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً {73} وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً {74} إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا " {75} الإسراء

إن الرسول الكريم هو مثلنا الأعلى في تطبيق و فهم الدين، وان القرآن نفسه يشهد عبر الزمن و التاريخ أن الناس لم يعجبهم الوحي الذي كان ينـزل به الرسول الكريم و انهم كانوا يطلبوا غيره:

" وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَائِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ {15} قُل لَّوْ شَاء اللّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُم بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ {16} فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ {17} وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ " {18} يونس

ربٌ واحد، مصدرٌ واحد:

إنَ رب العالمين سبحانه و تعالى، يبلغنا بوضح النهار على لسان رسوله الكريم أن الذي كان يُوحي إليه هو القرآن و لا شئ سوى القرآن:

" قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ " {19} الأنعام

إذاً، ومع كل هذه الآيات الواضحة التي تمنعنا من اتخاذ مصدر غير القرآن، لماذا يتبع مسلمون اليوم عدة مصادر (الحديث و السنة، الأئمة، الشيوخ، العلماء، الخ...) و لا يتمسكوا بالقرآن وحده؟ فهل قصر القرآن في شئ؟ أم أنه غير كاف لإقامة هذا الدين؟ هل هو ناقص؟ تعالى الله عما يصفون.

القرآن، كتاب ليس له مثيل:

" لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ " {21} الحشر

" وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا {45} وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا "{46} الإسراء

هل هناك قولاً بعد هذا القول؟ أو شهادة أكبر من هذه الشهادة؟

" أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ " {114} الأنعام

" وَتَمَّتْ كَلِمةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " {115} الأنعام

" وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَـؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ " {89}النحل

" وَمَا كَانَ هَـذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ " {37} يونس

الله يقول لنا أن القرآن كامل، متكامل، مفصل، ونحن نصر على اتخاذ أشياء أخرى غيره للهداية!!

حكم من لا يصدق كلام الله:

إن الإنسان أمامه الخيار إما أن يصدق و يثق بكلام الله حرفياً و يسلم نفسه لله، أو أن يرفض ذلك. فما هي عاقبة من لا يؤمن بكلام الله؟

يقول سبحانه و تعالى:

" إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاء وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ " {40} الأعراف

ما هى إمكانية أن يدخل الجمل في سم الخياط؟ هذه هي نفس إمكانية دخول الجنة من قبل من يكذب بآيات الله (أى أنها عملية مستحيله).

لماذا لا نعتبر الحديث و السنة كجزء من الوحي؟

بعض الناس يقولون إن الحديث و السنة "وحي" من عند الله إلى رسوله عن طريق الإلهام و يستدلون على ذلك بقوله تعالى في سورة النجم: "وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى {3} إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى {4}".

ما لا يدركه هؤلاء أن القرآن قد بين لنا ما هو الوحى و لم يترك المجال مفتوح للظن و التقول:

" قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ " {19} الأنعام

إن الله حفظ كتابه العزيز الذي يحتوى على الذكر، و لم يتكفل بحفظ ما دون ذلك لأنه ليس من عند الله و لا من شرعه.  يقول تعالى:

" إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ " {9} الحجر

" إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ {41} لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ " {42} فصلت

إذاً، الحديث لا يمكن أن يكون هو الوحي و ليس من الذكر الذي حفظه الله لأن الآحاديث تعرضت لروايات مختلفة تتعارض مع بعضها أحياناً و تتعارض مع القرآن أحياناً أخرى و تتعارض مع العقل و المنطق في أحيان كثيره.

أي شئ غير القرآن فهو ظن:

و بناء عليه فإن الحديث و السنة ما هما إلا ظن عن ما قاله الرسول و أصحابه.

فمع أن الله يقول لنا أن القرآن مفصل و كامل و لن يكون لنا مصدر غيره، إلا أن أغلبية المسلمين يفضلون إتباع الظن تحت معتقد أنهم بذلك يطيعون الله و رسوله.

قال تعالى:

" أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ {114} وَتَمَّتْ كَلِمةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ {115} وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ " {116} الأنعام

و قال تعالى:

" وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنًّا إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ " {36} يونس

آيات تتحدث عن إتباع مصادر غير القرآن:

و فيما يلي بعض الآيات من القرآن الكريم التي تتحدث عن إتباع مصادر غير القرآن. يقول الله تعالى:

" ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلًا فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ " {29} الزمر

و يقول عز و جل:

" قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ " {35} يونس

أن طاعة الحديث هي ليست طاعة للرسول.

إن ما قد يفاجئ معظم المسلمين ان الأحاديث التي يفضلونها في معظم الأحيان علي القرآن، و التي يعتبرونها المصدر الثاني للتشريع (مع أنها بالفعل المصدر الأول لهم حيث أنها تعطي أحكاماً غير التي أنزلها الله) ما جمعت إلا بعد أكثر من 200 سنة من وفاة النبي!

وهذه تواريخ وفاة أشهر الذين جمعوا الأحاديث و الذين هم مصدر للمسلمين حتى يومنا هذا : الإمام البخاري (توفي سنه 256 للهجرة)، مسلم (توفي سنه 261 للهجرة)، الترمذي (توفي سنه 270 للهجرة)،إبن ماجه (توفي سنه 273 للهجرة)، أبو داود (توفي سنه 275 للهجرة)، النساءى (توفي سنه 303 للهجرة).

ففي مقدمة كتاب البخاري نقرأ انه من نحو 600,000 حديث كانت متداوله في زمنه لم يجد إلا 7,397 ظن أنها فعلا عن الرسول. و هذا إعتراف واضح من أكبر كاتب للحديث أن 98.76% من الأحاديث المتداولة مشكوك في أمرها!

والعلم الذي اتبعه البخاري في اختيار الحديث أنه كان يسأل عن الراوي، فإذا سمع أنه كان ممن يوثق بهم أخذ الحديث منه، و إذا لم يكن كذلك فلم يأخذ منه. و قد اعتمد البخاري في اسلوبه هذا على  أن أصحاب النبي و الرواة كانت لهم ذاكرة تفوق ذاكرة البشر العادي و كانوا لا ينسون أي شيء و لا بعد عشرات السنين من الحدث...أضف إلى ذلك أخي العزيز أن الأحاديث كان تدوينها ممنوع حسب رواياتهم إلى عهد عمر بن عبد العزيز (حفيد عمر بن الخطاب) و هذا بعد مرور نحو 80 سنة من وفاة الرسول. أى أن بين البخاري و النبي ما لا يقل عن أربعة الى خمسة من الأجيال ممن كانوا ينقلون الحديث و كلهم من الأموات (أي لا يعلم طبعهم أو نواياهم أو دقتهم إلا الله!). و هذا العلم عندما يترجم الى حقيقة فإن الإنسان كان يقول للبخاري أو لمسلم: "أنا قرأت لوالدي رحمه الله يقول ان جدي رحمه الله سمع جده رحمه الله يقول انه عندما كان غلاماً مر من عند النبي (صلى الله عليه و سلم) و سمعه يقول..."

و هذا الكلام لو قدم فى أتعس محكمة فى العالم اليوم لرد في وجه صاحبه على أنه كلام لا يؤخذ به دليل، فكيف إذا أردنا أن نقيم به حكماً؟

" أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ " {114} الأنعام

و الغريب في الأمر، بل المبكي المضحك في كتابة الحديث أن أشهر كتب الحديث (بخاري و مسلم) تتناقض منذ بدايتها و تخالف تعاليمها حيث تروى أن النبي أمرَ أن لا يكتب منه شئ و أن لا نأخذ بأي كتاب سوى القرآن!

ففي حديث لأبي هريرة..يقول في قطعية لا تقبل اللبس: "خرج علينا رسول الله و نحن نكتب أحاديثه فقال ما هذا الذي تكتبون؟ قلنا أحاديث نسمعها منك يا رسول الله..قال..أكتاب غير كتاب الله!..يقول أبو هريرة فجمعنا ما كتبناه و أحرقناه بالنار".

إذاً، أهل الحديث يناقضون نفسهم و لا يتبعون حتى الأحاديث التي يقدسونها إذا خالفت هواهم.

و قد أخرج البيهقي في المدخل: "عن عروة بن الزبير، أن عمر بن الخطاب أراد أن يكتب السنن فاستشار في ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم، فأشاروا عليه أن يكتبها، فطفق عمر يستخير الله فيها شهراً ثم أصبح يوماً و قد عزم الله له فقال: (إني كنت أردت أن أكتب السنن، وإني ذكرت قوماً كانوا قبلكم كتبوا كتباً فأكبوا عليها و تركوا كتاب الله و إني – و الله – لا ألبس كتاب الله بشيء أبدا) – جامع بيان العلم 1/76"

إذا واجهت أهل الحديث بأي من أحاديثهم هذه، فسيتهمونك كأنك أنت المجرم، و سيخرجون لكَ عشرات الأحاديث تناقض ما قالت أحاديثهم و تسمح لهم بكتابة ما كان يقوله النبي! و قد كانت حجة أهل الحديث في الدفاع عن التناقض في أحاديثهم أنهم برروا منع الرسول لكتابة الحديث أنه خاف من أن يختلط مع القرآن...و هذا لا يشرح الأحاديث الأخرى (ابن حنبل) التي ما زالت تمنع كتابة الحديث في عهد معاوية (30 سنة بعد وفاة النبي و بعد أن جمع القرآن و وزع في الأرض!).

هل لدي هؤلاء كتباً يجدون فيها ما يشتهون؟

يقول تعالى:

" أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ {35} مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ {36} أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ {37} إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ " {38} القلم

ماذا تعني طاعة الرسول؟

إن كلمة "رسول" تأتي من "رسالة" و هذا ما وجب الطاعة فيه من غير نقاش أو تردد.

" وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ " {92} المائدة

عندما كان الله يوحي الكلام الى النبي للرد على سؤال أو لسرد معلومة، فصفته هنا رسول و هو يتحدث بأسم الله مما يوجب علينا الطاعة المطلقة: " وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ..."

و لكن عندما يتحدث بغير الوحي فهذا الرأي الشخصي هو رأى معرض للصواب أو الخطأ.

قال تعالى:

" يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ " {1} التحريم

" قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ " {1} المجادلة

إذاً فرأى النبي الشخصي الذي دوَّن خارج القرآن ربما فيه ضرر أو يسبب ضرر لنفسه أو لغيره. و لكن كلام النبي في مقام الرسالة كما دوَّن فى القرآن لا ينطق عن نفسه، بل ينطق كلام الله (وحياً) و هذا الكلام علينا الطاعة المطلقة له دون جدال أو سؤال.

إذاً، من أطاع مقام الرسول فقد أطاع الله، و نحن ملزمين بأوامر الله.

" مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا {79} مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا " {80} النساء

و القرآن يعلمنا أيضاً أن النبي (كبشر) ارتكب أخطاءً في حياته. ففي الآية التالية يروي لنا الله قصة النبي مع زيد، و يرينا كيف أن النبي في غير مقام الرسالة خاف من الناس بينما كان أحق أن يخاف الله:

" وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا " {37} الأحزاب

الرسول كبشر:

و سورة عبس في القرآن تعطينا مثلاً علي أن النبي كبشر يمكن أن يخطئ في أمور قد لا ترضي الله، و لذا وجب تصحيحه من قبل رب العالمين عند الخطأ. و عليه فإن هذه السورة تنفي تماماً ما يقال عن أن الحديث و السنة هما كوحي القرآن (حاشا لله):

" عَبَسَ وَتَوَلَّى {1} أَن جَاءهُ الْأَعْمَى {2} وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى {3} أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى {4} أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى {5} فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى {6} وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى {7} وَأَمَّا مَن جَاءكَ يَسْعَى {8} وَهُوَ يَخْشَى {9} فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى {10} كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ {11} فَمَن شَاء ذَكَرَهُ " {12} عبس

تقديس الرسل:

إن المسلمين ممن يسمون أنفسهم سنة و شيعة كالوا المديح لرسولهم وآل بيته حتى كادوا أن يأللهوه و يقدسوه تماماً كما فعلت الأمم السابقه من قبلهم برسلهم. مع أن رسولنا (و كذلك جميع الرسل) لم يطلب شيئاً لنفسه، و إنماطلب أن نعبد الله وحده، وهذا دين القيمة.

" وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ "{5} البينة

لا تنفد كلمات الله.

إن كثيراً ممن يقرأ هذه الكلمات الآن مازال غير مصدق أن القرآن يحتوي علي كل شىء و أنه كامل متكامل لا يحتاج الي توضيح أو إكمال. فهم لا يتجرأوا أن يقولوا هذا الكلام صراحةً، و لكن هذا ما يدور في عقولهم و أذهانهم. 

" وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " {27} لقمان

" قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا {109} قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا " {110} الكهف

فهذه الآيات واضحة كل الوضوح أن الكلمات ليست محدودة عند الله عزَ و جَل و أنه سبحانه أعطانا في القرآن كل ما أراد أن يقول ولم ينسي سبحانه و تعالى شئ:

" قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى" {52} طه

" وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَـؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ " {89}النحل

" وَمَا كَانَ هَـذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ " {37} يونس

" أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ " {114} الأنعام

و بناءاً على ما سبق فإن القرآن يدعونا للإيمان بالله و رسوله و بأن كتاب الله متكامل، مفصل، لا ينقصه شئ، و أنه هو المصدر الوحيد للدين و هذا ما يؤمن به كل مسلم حق. أما الذين ورثوا الدين أو لا يؤمنون به حقاً فإنهم يبحثون عن مصادر أخرى مع القرآن "لأنه لا يكفيهم" و ذلك بأتباع الحديث و السنة و غيرهما من المصادر و هذا يؤدي إلى وضع شريك مع الله جلَ جلاله.

التلاعب في معاني القرآن:

" إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا " {56} الأحزاب

هذه الآية هي أكثر آية حُرفَ معناها لكي يقع الناس في تقديس النبي ضد رغبته و معاملتهُ كإله (حاشا لله). فتحريف معنى هذه الآية جعلت جميع المسلمين يفرقون بين الرسل و يقدسون النبي ليلاً و نهاراً بدلاً من تقديسهم لله وحده.

إن الذين يقدسون النبي بكلمة (صلي الله عليه و سلم) لا يدركون  أن في نفس سورة الأحزاب، نجد أن الله و ملائكته يصلونَ علي جميع المؤمنين.

" هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا " {43} الأحزاب

الآية 103 من سورة التوبة توضح لنا معني كلمة (صلوا) و (يصلي). في هذه الآية نجد أن النبي نفسه مأمور من الله بأن (يصلي) علي الذين أمنوا، كما طلب الله منهم أن (يصلوا) عليه:

" خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " {103} التوبة

إذاً، المعني الصحيح لكلمة (يصلي) هي "المساندة" و ليست التقديس المستمر كما يفعل المسلمين!

  1. الله و ملائكته يساندون المؤمنين لإخراجهم من الظلمات إلى النور.
  2. الله و ملائكته يساندون النبي في حياته ليثبت في أداء رسالته.
  3. محمد (النبي) مأمور بأن يساند المؤمنين و يساعدهم.
  4. المؤمنون مطالبين بمساندة النبي و مساعدته.

و ماذا عن "وسلموا تسليما"؟

هل تعني السلام (التحية) على رسول الله أم لها معنىً آخر؟

إقرأ هذه الآيات و احكم بنفسك:

" فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا " {65} النساء

التسليم هنا هو الرضى بحكم الرسول المبني على القرآن و لا يعني قول "السلام عليك يا أيها النبي"!

و الحكم المقصود في الآية السابقة هو حكم الله بالقرآن المنزَل:

" وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ "{49} المائدة

و اقرأ هذه الآية الواضحة كل الوضوح:

" وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا" {22} الأحزاب

التلاعب في معاني القرآن:

" لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً " {21} الأحزاب

هذه الآية استخدمها أيضاً بعض المفسرين ليوهمونا بأن الأسوة الحسنة هي في كيفية لبس الرسول و إطالة لحيته و تقصير ثوبه و تقليد جميع الحركات و التصرفات المنسوبة لشخصه الكريم. و حولوا دين الله القيم إلى سلسله من الفكاهات بمحاولتهم تقليد جميع ما ورد في القرن السادس الميلادي من لباس، و عادات، و أخلاق، و أعراف على أنها امتثالا لأمر الله بأتباع (الأسوة الحسنة)! إذاً هم لم يتمعنوا في قول الله:

" قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ {4} رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ {5} لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ " {6} الممتحنة

الله يصف أسوة إبراهيم بالحرف كما وصف أسوة محمد. و المقصود بالأسوة الحسنة هنا لإبراهيم هي البراءة من الكفار و مما يعبدون و الكفر بالأصنام و معاداة الكفار إلى أن يؤمنوا بالله الواحد الأحد.

فالأسوة الحسنة ليست إطلاقاً أن ننام و نلبس و نأكل بالطريقة التي كانت في عهد إبراهيم أو عهد محمد! ولكنها الإمتثال بشجاعة و صبر و إيمان هؤلاء النبيان عليهما السلام كما ورد ذكرهم و قصصهم في الذكر الحكيم.

هل يعقل أن ينكر المسلم الرسول الكريم؟

لا يمكن لمسلم حق أن يدعي الإسلام و ينكر الرسول و من يفعل ذلك فإنه أقرب إلى الكفر من الإيمان:

" ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِقِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ " {13} الأنفال

و لكن عندما تُري بعض الناس ما قاله الله في الرسول بالقرآن، فإنهم يتهمونكَ إنكَ تكره الرسول الكريم.

و هذا نفس الحال بالنسبة للمسيحيين، فعندما تخبرهم أن عيسي ليس إلا بشراً، و أنه ليس ابن الله، فإنهم يتهمونك أنك تكره عيسي! فهل هناك آي مسلم على وجه الأرض يكره عيسي؟

النبي لا يستطيع هداية أحد:

يقول الله سبحانه و تعالى في كتابه الكريم:

" إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ " {56} القصص

و نستنتج من ذلك أن مهمة الرسول هي تبليغ القرآن و الإرشاد بالقرآن بدون تغيير، أو زيادة، أو نقص، أو شرح. و لكن أمر الهداية متروك لله و هو الأعلم بمن سيهتدي و من سيكفر.

المسيحيين يحبون عيسي إلى أبعد حد، و مع ذلك فإنه سينكرهم يوم القيامة:

" وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ {116} مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ {117} إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " {118} المائدة

إن الحب الحقيقي لعيسي هو أن نعترف به كبشر و رسولٌ من الله.

كذلك فإن الحب الحقيقي لمحمد هو أن نعترف به كبشر و نتبع النور الذي جاء به و هو القرآن. الذين يتبعون الحديث و السنة والأئمة و المشايخ كعامل مساعد للقرآن أو لتفسير كلام الله هم من سينكرهم الرسول الكريم يوم القيامة:

" وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا {30} وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا " {31} الفرقان

هل يعلم النبي الغيب؟

و أعلموا أنه من شدة تقديس الرسول، قام بعض الكتاب و الرواة بالافتراء عليه بأنه يعلم الغيب، و جاءوا بأحاديث كثيرة تدل على ذلك و هي أحاديث مفتراه.

يقول تعالى في كتابه الكريم:

" قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ " {188} الأعراف

" قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ " {9} الأحقاف

فمع كل الوضوح الذي تحتويه هذه الآيات من عدم معرفة النبي للغيب خارج ما أوحي اليه و دون في القرآن، فإن هناك مئات الأحاديث المدسوسة التي تروي أنباءً مستقبلية لا أساس لها في القرآن.

فالنبي لم يعلم الغيب الماضي (قصص الأنبياء و الأمم السابقة) فأعلمه الله بها، فكيف بالغيب المستقبلي؟ لقد أعلم الله رسوله بالقرآن الكريم الغيب المستقبلي العام مثل صفات يوم القيامة و ما سيحدث للأرض و الجبال و البحار و السماء، و مع ذلك نحن نصر على معرفة النبي بأمور غيبية كثيرة مثل:

روى مسلم عن أبي هريرة: أن رسول الله قال:

"لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب، يقتتل الناس عليه، فيُقتل من كل مئة تسعة و تسعون، يقول كل رجل منهم: لعلي أكون أنا الذي أنجو" – (صحيح الجامع رقم 7300)

روى الشيخان عن أبي هريرة: أن رسول الله قال:

"لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه" – (صحيح الجامع رقم 7302)

روى الشيخان عن أبي هريرة: قال: قال رسول الله:

"ألا أحدثكم حديثاً عن الدجال ما حدث به نبيٌ قبلي قومه؟ إنه أعور، يجيء معه بمثل الجنة والنار، فالتي يقول: إنها الجنة هي النار، و إني أنذركم كما أنذر به نوح قومه" – (مشكاة المصابيح 5472)

و بالرغم من أن حديث الدجال هو حديث عن الغيب لم يذكر في القرآن قط رغم خطورة و أهمية الموضوع، إلا أنه أيضاً يوجد تعارض غريب فى هذا الحديث. ففي البداية يقول "ما حدث به نبيٌ قبلي قومه" و في نهاية الحديث يقول "كما أنذر به نوح قومه!" فهل حدث به نوح قومه قبل رسول الله بهذا الحديث أم لا؟

الشفاعة:

الشفاعة هي الأسلوب المفضل لدى أعداء الإسلام من الأنس و الجن لكي يسهلوا علي الناس عملية الشرك بالله. و الغريب هو أن ينجح هذا الأسلوب مع وجود جميع الآيات التي تنفي وجود أي شفاعة يوم القيامة. قال تعالى في الكتاب العزيز:

" وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ " {48} البقرة

" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ " {254} البقرة

و حيث أنه لا يوجد أي شفاعة في الأخرة فإن الشفاعة لا تكون إلا في الدنيا من الأحياء و أن شرطها الرئيسي هو قبول و رضي الله حيث لا أحد يملكها غيره.

" مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ اللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا " {5} النساء

" يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ "{28} الأنبياء

إن فكرة الشفاعة تعني أن لله شركاء يتوسطون عنده لينقذوا بعض الناس. و هذا التفكير هو الشرك بأم عينه و الذينَ يؤمنون بأنَ الرسول سيشفع لهم عند الله لأنهم يحبونه و يذكرونه كل يوم ما هو إلا شرك مأخوذ من الأحاديث المنسوبة إلى رسول الله.

" فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ {17} وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ " {18} يونس

الله يذكر لنا الشفاعة في القرآن و يقول أنها له جميعاً، و أن الذين يؤمنون بشفاعة غير الله لا يستطيعون ذكره وحده دون شركائهم.

يقول تعالى في كتابه المكنون:

" أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ شُفَعَاء قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ {43} قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ " {44} الزمر

مهمة الرسول:

و بناء على ما سبق في موضوع الشفاعة فإن مهمة الرسول كانت في إبلاغ الناس و تبشيرهم و إنذارهم بالقرآن، أما حسابهم في الآخرة فعلى الله سبحانه و تعالى، يقول سبحانه: 

" وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ " {40} الرعد

لذا فإن الرسول ليس له أن يضر أحداً لا في الدنيا و لا في الآخرة، يقول تعالى في القرآن:

" قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا " {21} الجن

" قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ " {49} يونس

فالرسول لن يضع أحداً في الجنة، و لن يخرج أحداً من النار، و لا يستطيع أن يحاسب أحداً، و لا أن ينفع أو يضر أحد و مهمته الوحيدة هي "البلاغ" و أن يكونَ شاهداً و بشيراً و نذيراً للعالمين.

" إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا "{8} الفتح

و قال تعالى في الكتاب:

" وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ " {25} الأنبياء

و قال تعالى:

" فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنسَانَ كَفُورٌ " {48} الشورى

و قال في سورة المائدة:

" مَّا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ وَاللّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ " {99} المائدة

قال تعالى في كتابه:

" وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى {124} قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا {125} قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى " {126} طه

فقد جعل الله معيشتهم فى الدنيا ضنكاً، و يحشرهم يوم القيامة عمى. و رب العالمين لم ينسى هؤلاء و لكنه سيتعمد نسيانهم فى جهنم.

الاعتماد على الحديث كمصدر للتشريع

إن وجود الأحاديث في الدين الإسلامي أدت في كثير من الأحيان إلى عدم طاعة الله في حين أنها في كثير من الأحيان كانت سبباً في عدم دخول كثير من غير المسلمين إلى الإسلام.

و هناك عدة أسباب لذلك، و لكن نكتفي بذكر أهمها:

  1. إتباع الحديث يسبب إلغاءً أو نقصاًً للحريات الممنوحة للبشر من قبل المولى عز و جل كحرية الدين، و حرية الرأي، و حق المساواة، و حق العدل، وحق الشوري.
  2. معظم الأحاديث إما متشددة أو أدت إلى الغلو في الدين، مع أن القرآن ينبذ الغلو و التشدد. و مثال على ذلك موضوع إطالة اللحية إلى درجة أن البعض أصبح يعتبر الغير ملتحي كافراً. بل ذهب البعض إلى أبعد من ذلك فحكموا على الزاني و المرتد بالقتل على الرغم من أن القرآن كان واضحاً كل الوضوح في تفصيل حكم الزاني و كان واضحاً كل الوضوح في تفصيل حكم من آمن و من لم يؤمن.
  3. معظم الأحكام المستخرجة من الأحاديث تتناقض مع أحكام القرآن مثل:

-    حكم من ترك الإسلام؛

-    حكم الزنا في الإسلام؛

-    تحريم الذهب و الحرير على الرجال؛

-    الختان؛

-    تعدد الزوجات،

-    الصلاة و كيفيتها و أوقاتها، هدفها و الاستعداد لها.

وفيما يلي تفصيلاً لهذه الأحكام:

حكم من ترَكَ الإسلام.

عند مسلمي اليوم يُحكم على من قرر أن يخرج عن ملة الإسلام بانه "مرتد" و يجب قتله.

يقول تعالى:

" لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " {265} البقرة سورة يونس (10)

وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ {99}

و يقول سبحانه:

" فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ {21} لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ " {22} الغاشية

" وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا "{29} الكهف

هذه الآيات لا تترك أي مجال للشك بأن الاختيار هو الطريق الذي أراده الله لبني البشر وأن لهم حق الاختيار بين الإيمان و الكفر الى أن تقوم الساعة...و أن الله وحده هو الذي سيحكم بين عباده.

إذا، من هؤلاء الذين يجرأون على أن يتقولوا على الله الكذب و يشرَّعوا باسمه و إسم رسوله؟

حكم الزنا في الإسلام.

عندما يُسئَل علماء المسلمون لماذا لا يوجد أي ذكر لرجم الزاني و الزانيه في القرآن، فهم غالباً ما يردون بالادعاء أن هناك آيات في القرآن نسخت بمعنى حذفت أو مسحت و منها الآية التي تتحدث عن الزنا…هل هناك عقل يقبل ذلك؟ فاذا افترضنا جدلاً على أن هذا الكلام صحيح، فلماذا لا زلنا نعمل بها؟ تعالى الله عما يصفون!

" سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ {1} الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ " {2} النور

فمع أن هذه الآيات في غاية الوضوح، ألا أن المسلمين ابتكروا حكم "الرجم" من الحديث في حال إذا كان الزاني متزوج. و بذلك قالوا أن القرآن "غير واضح، و غير مفصَل" بعكس ما يقوله لهم الله!

تحريم الذهب و الحرير علي الرجال.

في سلسلة طويلة من الافتراءات، قرر المسلمون بأن تكون لهم آلهة مع الله (الحديث و السنة و الأئمة و العلماء و المشايخ و الأسياد) ليحرموا لهم ما أحلَ الله. فحرموا الذهب و الحرير و الزينة التي خلقها الله لعباده لكي يتزينوا بها و نسوا قوله تعالى في الكتاب:

" قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ "{32} الأعراف

الختان.

عندما يواجه مسلموا اليوم بموضوع إكتمال خلق الله، فهم لا يقولون إلا أن خلق الله كامل متكامل. و لكن إذا سألتهم عن سبب ختانهم للذكور (و في بعض الأماكن ختان الإناث أيضاً) فهم يرتبكون و يبدأوا بالتحدث عن أمراض قد تأتي الذكور إذا لم يختنوا و ما الى ذلك من البدع التي يفترونها. فهل خلق الله الذكر كاملاً كما يقول عز و جل، أم هل هو ناقص يحتاج الي بعض التعديل كما يزعم أهل البدع؟ حاشا لله عما يصفون.

" الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ " {7} السجدة

إن الختان يعود أصله الي مبتدعات اليهود الذين اتهمهم الله بنبذ كتاب الله وراء ظهورهم، و تحريف الكلم عن مواضعه، و الشراء بأيآت الله ثمن قليلا، و قد ذم الله بعضهم و حولهم الى قردة و خنازير...فهذا هو المصدر الموثوق الذي يفضل مسلمون اليوم إتباعه بدلاً من القرآن.

" وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ {48} وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ {49} أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ " {50} المائدة

تعدد الزوجات.

يقوم الكثير من رجال المسلمين بالزواج من أكثر من زوجة إلى حد أربعة زوجات دون قيد أو شرط أو إجراءات تحد من هذا الاستهتار حتى وصلوا إلى درجة أنهم عندما ترتفع عندهم الشهوة يطلق أحد زوجاته الأربعة بدون ذنب اقترفته ليتزوج الجديدة! فما شرط تعدد الزوجات؟

يقول تعالي

" وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ " {3} النساء

سورة النساء لا تترك مجال للأعمى بأن التعدد مشروط بوضع "اليتامى" (أي آن التعدد لا يجوز إلا في حال الزواج من أمهات ليتامى). مع هذا، فإن المسلمين لا يهمهم ما يقول الله و لكنهم يكذبون علي الله و يحرفون كلامه لكي يرضوا غريزتهم الجنسية. و هل من العدل تطليق أحد زوجاتك الأربعة حتى تأتى بالخامسة

الصلاة في القرآن / كيفيتها / الهدف منها / الاستعداد لها / أوقاتها / طريقتها.

إن ما يعتقده مسلمي اليوم هو أن الصلاة ما فرضت إلا في ليلة المعراج الذي (حسب الحديث) يتفاوض فيه الرسول مع رب العالمين (بمساعدة موسى الذي لديه خبرة في التفاوض) ليخفض الصلاة من 50 صلاة الى 5 صلوات في اليوم و كأن الخالق الذي ما من و رقة تسقط الا بعلمه لا يعلم ما يطيقه البشر مما هو تعجيزي (تعالى الله عما يصفون) .

و هم بهذا يعطون لنفسهم سبباً أخر لتقديس و تمجيد النبي (من دون علمه أو رغبته) الذي خفف عليهم من أوامر الله الصارمة.

حسب رواية الله لنا عن طريق القرآن، فالصلاة شئ قديم جداً و كانت تعرف لدي الأقدمين...

فهذا إبراهيم يدعي

" الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ {39} رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ " {40} إبراهيم

و هذا شعيب يقال له

" قَالُواْ يَا شُعَيْبُ أَصَلَواََتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ " {87} هود

و موسى يقال له

" وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ " {87} يونس

و بني إسرائيل

" وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ "{83} البقرة

و زكريا

" هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء {38} فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ " {39} آل عمران

و عيسي ابن مريم

" فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا {29} قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا {30} وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا " {31} مريم

و لقمان لأبنه

" يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ "{17} لقمان

إذن فجميع الأنبياء و أتباعهم كانوا يعلمون ما هي الصلاة، و إن الصلاة بأبسط أشكالها و معانيها هي تجدد "الصلة" بين الله و خلقه.

-    الهدف من الصلاة

و لكي نعرف كيفية الصلاة يجب اولاً معرفة الهدف منها.

فالصلاة ليست عبارة عن مجموعة من الخطوات يقال فيها عدد من الكلمات لينجوا العبد من النار. و لكن الهدف منها (1) الصلة بالله و ذكره دائماً (2) الإستعانه بها على الأمور العظيمه (3) و النهي عن الفحشاء و المنكر.

قال تعالى

" إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي " {14} طه

و قال أيضاً

" وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ " {45} البقرة

" اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ " {45} العنكبوت

فالصلاة هي أحد الوسائل المتاحة لنا لنتواصل مع الله و نذكره و نمتثل بأوامره. إذا، جوهرها هو ذكر الله و نتيجتها الانتهاء عن الفحشاء و المنكر. 

-    النداء لها.

" وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ "{58} المائدة

-    اوقاتها.

الآيات التي تتحدث عن أوقات الصلاة تعطينا ثلاث أوقات فقط:

1. طرف النهار الأول – الفجر الى الشروق (صلاة الفجر 24:58).

2. طرف النهار الثاني – دلوك الشمس الى الغروب (الصلاة الوسطي 2:238).

3. زلفاً من الليل – من بعد مغيب الشمس (صلاة العشاء 24:58).

" وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ " {114} هود

" أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا {78} الإسراء

غير هذه الأوقات تعتبر (نوافل) و لا تسمي صلاة

-    مكانها.

" وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا " {18} الجن

-    الاستعداد لها.

" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ " {6} المائدة

" يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ "{31} الأعراف

-    طريقتها.

قراءة القرآن هي الجزء الأكبر من الصلاة لأجل ذكر الله و الامتثال بأوامره (كيف تعلم أوامر الله ما لم تذَكر نفسك بها كل يوم؟)

اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ {45} العنكبوت

إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ {29} فاطر

وَالَّذِينَ يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ {170} الأعراف

الصلاة تكون بصوت معتدل (لا تكون القراءة في السر، و لا تكون عالية علي الآخرين)

" قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً " {110} الإسراء

الإطمئنان و الاستقرار مطلوبان في الصلاة و في الأوقات المحددة التي ذكرها سبحانه و تعالى و لذلك فهي كتاباً موقوتاً

" فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُواْ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا " {103} النساء

الإدراك التام و التركيز مطلوبتان عند قراءة آيات الله

" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا " {43} النساء

و يمكن للإنسان أن يصلي كيفما كان وضعه في حالة الخوف

" حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ {238} فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ " {239} البقرة

-    الصلاة تختم بالسجود

" وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا {101} وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ اللّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا " {102} النساء

و يقال في ختام الصلاة:

" وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا " {111} الإسراء

أين الحل؟

إن الأمة الإسلامية عندما كانت متمسكة بالقرآن و لا شئ سوى القرآن، فإن هذه الأمة قادت العالم في العلم و الحضارة و العدالة و الحريات و الطب و الهندسة. و ما كانت لتهزم، و امتدت حدود الدولة الإسلامية من غرب أفريقيا إلى الصين و من جنوب فرنسا إلى شرق ألمانيا.

لكن و مع ظهور الحديث و السنة في القرن الثالث للهجرة، بدأ التآكل  في الأمة الإسلامية. و بالتدريج بدأت علامات الجهل بالعودة و بدأ الظلم و الجبروت بالصعود و بدأت الأمة تنهزم فانحدرت في عدة أماكن من العالم بداية من الأندلس و إنتهاءاً في فلسطين.

إن السبب الرئيسي هو أنهم رفضوا التصديق بكلام الله رغم تأكيده بأن القرآن كامل متكامل و أنه لن يكون لهم مصدر للتشريع سواه. و لأنهم لم يؤمنوا له فإن الله نسيهم و تركهم يخوضون المعارك وحدهم بدون نصر أو مساعدة. لماذا، لأنهم دعوا مع كلام الله الذي نطق به الرسول (القرآن) حديثاً أخر و سنة أخرى (البخاري، و مسلم،و النسائي، الخ..).

هذا سبب إنهزام المسلمين و إنكسارهم، إنهم هجروا الله فهجرهم الله و ذلهم. إن الذين لا يجدون ما يتعضون به بعد كل هذا التذكير و يصرون على الإستمرار في هذا الطريق فنقول لهم ما قاله الله:

" وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَن يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا " {57} الكهف

و أعلموا أن إستمرار إدعاء الناس بأن الأحاديث و السنة ضرورية لفهم أحكام الله في القرآن كلام غير مقبول و مردود على أصحابه فالقرآن يبلغنا أن الله هو الذي يشرح لنا القرآن و هو الذي يعلمنا إياه و به يهدي المؤمنين.

قال تعالى في الكتاب:

" الرَّحْمَنُ {1} عَلَّمَ الْقُرْآنَ " {2} الرحمن

و قال جل و على:

" وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ " {44} فصلت

" لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ {16} إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ {17} فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ {18} ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ " {19} القيامة

واعلموا يرحمكم الله أنه ما من نبي إلا و قد سُلطَ عليه شيطان من شياطين الجن و الإنس لكي يضلوا الناس عن الصراط المستقيم. فهذا "بولس أو شاؤول" قد أضل النصارى بإدعائته و افتراءاته التي افتراها على نبي الله المسيح ابن مريم و عن لسانه، و كذلك فعل السامري بقوم موسى، و ها هو البخاري و مسلم و غيرهم يفعلون نفس الشيء! فيفتروا على الله و الرسول ما لم ينزل به الله من سلطان. قال تعالى: 

" وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ {112} وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ " {113} الأنعام

لذلك لا نستغرب من ظهور الحديث و السنة و إتباع أكثر الناس لهما؟

فأعلموا أن كل من يتبع غير آيات الله و غير كلام الله سوف يسلط عليه رب العالمين عذاب مهين، فهل نقدر على تحمل هذا العذاب؟ يقول الله فى الكتاب:

" تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ {6} وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ {7} يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ {8} وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ " {9} الجاثية

و يسألهم الله سؤالاً واضحاً فى القرآن:

" أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ " {185} الأعراف

إن الواقع الذي نعيش فيه اليوم يتمثل في أحد أمرين:

إن أغلب الناس لا يؤمنون بالله.

" وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ " {103} يوسف

أو أن أغلب الذين يؤمنون  بالله مشركون.

" وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ " {106} يوسف

إذا كنت مع أغلبية البشر، فأنت في ورطه!

و إذا كنت مع أغلبية الذين يؤمنون بالله و هم مشركون، فأنت أيضاً في ورطه!

أما الذين يعبدون الله وحده، فهم أقل الأقلية.

و الكارثة العظمى هي أن معظم المشركين يعتقدون اعتقادا جازماً بأنهم على حق و أن مصيرهم الجنة دون شك. إقرأ كلام الخالق لتعلم المفاجئة التي تنتظر البعض:

" قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا {103} الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا " {104} الكهف

" وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ {36} وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ "{37} الزخرف

" فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ " {30} الأعراف

و أغلب المشركين لا يعلمون بشركهم!

ذلك لأنهم كما سبق و ذكرنا يعتقدون أنهم كانوا على حق و يعتقدون أن ذكر الأنبياء و آلهم مع الله شئ صحيح علماً بأن هذا هو الشرك البواح.

يقول سبحانه:

" وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ {22} ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ {23} انظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ " {24} الأنعام

إذاً، هناك مشركين لا يعلمون أنهم كذلك، و نرجوا أن لا تكون أنت منهم؟

أن القرآن هو السبيل الوحيد لنجاة إمتنا.

وأعلموا أن من أخذ بغيره فلن يكون مهتدياً أبداً. قال تعالى:

" اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ " {23} الزمر

و قد يظن البعض بقولنا هذا أننا نكره الرسول محمد عليه السلام، أو قد يظن أننا نكره أصحابه و هذا تفكير خاطئ تماماً. فمحمد هو نبي هذه الأمة و أصحابه كانوا عوناً له و دعماً و قد ساعدوه في نشر الدين كما ساعدوه على أعداءه من المشركين و من اليهود و المنافقين فكيف ننكرهم؟ و نحن متأكدين أن لا النبي محمد و لا أصحابه لهم يد في كتابة الأحاديث و الروايات و نشرها و إدخالها في عقول الناس رغم وضوح القرآن فيما يتعلق بهذا الأمر. قال تعالى:

" وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ " {144}  آل عمران

" قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {31} قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ " {32} آل عمران

" وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ "{56} النور

" ...وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا " {23} الجن

بما أن جميع الرسل أتوا بنفس الرسالة، و هي "أن اعبدوا الله وحده"، فمعصية جميع الرسل تعني عدم الإيمان بالله أو الشرك به.

" مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا " {80} النساء

" وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى {3} إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى " {4} النجم

و بنفس المعنى فإنَ طاعة الرسل المقصود بها طاعة الله و الإيمان به.

تحريف الكلم عن موضعه:

إن علماء المسلمين اليوم يدعون أن الله أمرنا بأخذ كل ما أحل أو حرم النبي محمد كبشر و ذلك بناء على استخدامهم للآية "وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا" سورة الحشر (59). و هم بذلك قد وقعوا بنفس الخطأ الفادح الذي وقع به بني إسرائيل:

" مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً " {46} النساء

و هذه هي الآية الكاملة تختلف جوهرياً في معناها إذا لم تنزع من سياقها:

" مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ " {7} الحشر

هل هذه دعوة لأخذ جميع ما آتي به محمد البشر، أم إنها حكم محدد لموقف محدد يتعلق بتوزيع الغنائم؟

إننا ندعوك أيها القارىء و القارئة الي أن تؤمنوا بالله وحده و أن تعودوا الى القرآن و تذروا ما دون ذلك من الأقوال و الكتابات التي قد تؤدى بأتباعها إلى جهنم دون أن يقصدوا و دون أن يعلموا.

يقول جلَ مقامه:

" إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ {10} قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ {11} ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ " {12} غافر

و الآن أيها القارىء و القارئة إسألوا أنفسكم هذه الأسئلة و الإجابة عليها قد تحدد مصيركم:

•     هل ترتاح إذا ذكرَ الله وحده، أم أنك تريد ذكر محمد أيضاً؟

•     هل أنت واثق بما ورثته من آبائك؟هل ترضي بالله وحده بعقلك و قلبك؟

•     هل تحتاج إلى الصحابة و المشايخ لكي تعبد الله؟

•     هل أنت مرتاح و أنت تسمع كلام الله وحده أم تحتاج إلى كتاب أخر معه كالبخاري و مسلم؟

قد تساعدك هذه الآية في الإجابة على كافة الأسئلة السابقه:

" وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ " {45} الزمر

و في الختام، تذكروا دائماً قوله تعالى:

" أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ {36} وَمَن يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انتِقَامٍ " {37} الزمر

كفانا سنةً و شيعةً و طوائف اخري...عودوا إلي الإسلام، عودوا الي القرآن يرحمكم الله...

" لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ " {11} الرعد

 

وفقكم الله و هداكم إلى سبيله، و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

 


 

The Monotheist Group

www.Free-Minds.Org